مضمون الدعاء
((في الدعاء والزيارة))
1- البسملة
ينبغي أن يكون ابتداء الدعاء بالبسملة، وقد وردت في ذلك الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يردّ دعاء أوّله بسم الله الرحمن الرحيم"1.
2- الثناء على الله تعالى
إن شكر الله والثناء عليه يجعل أهداف الدعاء أقرب للتحقق، حيث ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسبباً للمزيد من فضله.." 2.
لذلك فقد أرشدنا أئمة أهل البيت عليه السلام للمدح والثناء في الدعاء، كما في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربّه وليمدحه"3.
وذكرت بعض الروايات أنّ الله تعالى يقضي حاجته حتى وإن تشاغل عن ذكرها بالثناء، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ العبد لتكون له الحاجة إلى الله فيبدأ بالثناء على الله والصلاة على محمّد وآله حتى ينسى حاجته، فيقضيها من غير أن يسأله إيّاها"4.
والثناء مطلقاً يكفي في الدعاء، ولكن ورد ثناء خاص عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنَّ في كتَابِ أميرِ المؤمنين عليه السلام: إن المدحة قبل المسألة، فإذا دعوت الله عز وجل فمجِّده، قلت: كيف أمجِّده؟ قال: تقول: يا من هو أقربُ إليَّ من حبل الوريد، يا فعَّالاً لما يُريد، يا من يحول بين المرءِ وقلبِه، يا من هو بالمنظر الأعلى، يا من ليس كمثله شيء"5.
وعن الإمام الصادق عليه السلام حين سأله أحد أصحابه: "آيتان في كتاب الله عز وجل أطلبهما ولا أجدهما، قال: وما هما ؟ قلت: قول الله عز وجل: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾6 فندعوه ولا نرى إجابة؟ قال: أفترى الله عزّ وجلّ أخلف وعده ؟ ! قلت: لا، قال: فممّ ذلك ؟ قلت: لا أدري، قال: لكنّي أخبرك: من أطاع الله عزّ وجلّ فيما أمره ثمّ دعاه من جهة الدعاء أجابه، قلت: وما جهة الدعاء ؟ قال: تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك، ثمّ تشكره، ثمّ تصلّي على النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ تذكر ذنوبك فتقر بها، ثمّ تستغفر منها، فهذا جهة الدعاء"7.
ووصفت الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام الدعاء الخالي من التمجيد والتحميد بالأبتر، وذكرت أقل ما يجزي من ذلك فعنه عليه السلام قال: "كل دعاء لا يكون قبله تحميد فهو أبتر، إنما هو التحميد ثمّ الثناء، قال: قلت: ما أدري ما يجزي من التمجيد والتحميد قال: تقول: اللهم أنت الأول فليس قبلك شيءٌ وأنت الآخر فليس بعدك شيءٌ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيءٌ، وأنت الباطن فليس دونك شيءٌ وأنت العزيز الحكيم"8.
ومن المناسب أن نتذكر أن الحمد لله تعالى والتمجيد له لا بد أن يسبق ذكر الحاجة، فمكانه الصحيح أول الدعاء، وقد نبّهنا أمير المؤمنين عليه السلام إلى ذلك- فيما روي في حديث الأربعمائة- قال عليه السلام: "السؤال بعد المدح، فامدحوا الله عزَّ وجل ثمّ اسألوا الحوائج، اثنوا على الله عز وجلَّ وامدحوه قبل طلبِ الحوائج..." 9.
3- الدعاء بالأسماء الحسنى
من السنن التي وردت الروايات بشأنها أن يدعو المؤمن ربه بذكر أسمائه الحسنى، فعن الإمام الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لله عز وجل تسعة وتسعون اسماً، من دعا الله بها استجيب له، ومن أحصاها دخل الجنّة، وقال الله عز وجل: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾10 " 11.
وقد ورد في الروايات عن أهل البيت عليه السلام أنّ الله تعالى يستجيب لعبده المؤمن إذا دعاه بأسمائه الحسنى خصوصاً في حال السجود، كما في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا قال العبد وهو ساجد: يا الله يا رباه يا سيداه، ثلاث مرات، أجابه تبارك وتعالى: لبيك عبدي، سل حاجتك"12. وعنه عليه السلام: "كان أبي إذا لجّت به الحاجة يسجد من غير صلاة ولا ركوع ثمّ يقول: يا أرحم الراحمين، سبع مرات، ثمّ يسأل حاجته، ثمّ يقول: ما قالها أحد سبع مرات إلا قال الله تعالى: ها أنا أرحم الراحمين، سل حاجتك"13.
ولعله من المناسب أن يذكر من أسماء الله الحسنى ما يناسب مطلوبه، فإذا كان مطلوبه الرزق يقول: يا رزاق، يا وهاب، يا جواد، يا مغني،يا منعم، يا مفضل، يا معطي، يا كريم، يا واسع، يا مسبب الأسباب، يا منان، يا رزاق من يشاء بغير حساب. وإن كان مطلوبه المغفرة والتوبة، يقول: يا توّاب، يا رحمن، يا رحيم، يا رؤوف، يا عطوف، يا صبور، يا شكور، يا عفوّ، يا غفور، يا فتاح، يا ذا المجد والسماح، يا محسن، يا مجمل، يا منعم. وإن كان مطلوبه الانتقام من العدو يقول: يا عزيز، يا جبار، يا قهار، يا منتقم، يا ذا البطش الشديد، يا فعّال لما يريد، يا قاصم المودة يا طالب، يا غالب، يا مهلك، يا مدرك، يا من لا يعجزه شيء. ولو كان مطلوبه العلم يقول: يا عالم، يا فتاح، يا هادي، يا مرشد، يا معز، يا رافع، وما أشبه ذلك 14.
4- الصلاة على النبي وآله عليه السلام
وقد ورد في العديد من الروايات التأكيد على ذكر الصلاة على محمّد وآل محمّد في الدعاء، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "كل دعاء يدعى الله عز وجلّ به محجوبٌ عن السماء حتى يصلى على محمّد وآل محمّد"15.
وفي روايةٍ أخرى عنه عليه السلام قال: "من دعا ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم رفرف الدعاء على رأسه، فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم رفع الدعاء" 16.
وأشارت بعض الروايات إلى عدم الاكتفاء بالصلاة على الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في أوّل الدعاء، بل يكرر الصلاة في وسطه وآخره،فعن رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تجعلوني كقدح الراكب، فإنَّ الراكب يملأ قدحه فيشربه إذا شاء، اجعلوني في أول الدعاء وفي وسطه وفي آخره"17.
وأما أثرها فيكفي ما أشارت عليه بعض الروايات من فضل الصلاة على محمّد وآله، كالرواية عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:"من قال: يا ربّ، صلّ على محمّد وآل محمّد، مائة مرة، قُضِيَتْ لَهُ مِائةُ حَاجَةٍ، ثلاثون للدنيا"18.
ومن جميل ما روي في هذا المقام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا دعا أحدكم فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنَّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مقبولة، ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضاً"19.
و الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تكون بعد الثناء، كما يمكن أن يستفاد من الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "إيّاكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عز وجل والمدح له، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ يسأل الله حوائجه"20.
5- التوسل بمحمّد وآله صلى الله عليه وآله وسلم
لقد فتح الله تعالى أبواباً لرحمته يمكن أن يصل منها العباد، وعرفهم تلك الأبواب، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين وكذلك الأئمة عليه السلام، فحري بنا أن نستفيد من هذه الرحمة ونضعها بين أيدي دعائنا لعل الله تعالى يقبل هذا الدعاء، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " الأوصياء مني... بهم تنصر أمتي، وبهم يمطرون، وبهم يدفع الله عنهم، وبهم استجاب دعاءهم". وعن الإمام أبو جعفر الباقرعليه السلام: "من دعا الله بنا أفلح، ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك"21.
وعن سماعة بن مهران، قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: "إذا كان لك يا سماعة عند الله حاجة فقل: اللهم إني أسألك بحق محمّد وعلي، فإن لهما عندك شأناً من الشأن، وقدراً من القدر، فبحق ذلك الشأن وبحق ذلك القدر أن تصلًي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا"22.
6- الإقرار بالذنوب
إن الإقرار بالذنوب طريق للتوبة، فمن عرف ذنبه وأقرّ به بادر إلى تركه ورفع آثاره، وهذا الإقرار جُعل جزءاً من الدعاء، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّما هي المدحة، ثمّ الثناء، ثمّ الإقرار بالذنب، ثمّ المسألة، إنّه والله ما خرج عبد من ذنب إلا بالاقرار"23.
وكان من دعاء الإمام أمير المؤمنين عليه السلام المروي عن كميل بن زياد: "وقد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي، معتذراً نادماً، منكسراً مستقيلاً، مستغفراً منيباً، مقراً مذعناً معترفاً، لا أجد مفراً مما كان مني، ولا مفزعاً أتوجه إليه في أمري، غير قبولك عذري وإدخالك إيّاي في سعة من رحمتك، اللهم فاقبل عذري، وارحم شدة ضري، وفكّني من شدّ وثاقي".
تقديم: يا الله، عشراً ومن السنن أيضاً أن يذكر الداعي ذكر "يا الله" عشر مرات قبل الدعاء فإن ذلك أرجى لقبوله، بل أكدّت بعض الروايات على حتمية القبول للدعاء المبتدى بهذا الذكر، فعن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "من قال: يا الله يا الله، عشر مرات، قيل له: لبيك، ما حاجتك؟"24.
وعنه عليه السلام قال: "إذا قال العبد وهو ساجدٌ: يا الله، يا رباه، يا سيداه، ثلاث مرات أجابه تبارك وتعالى: لبيك عبدي، سل حاجتك"25.
7 – طلب الحاجة
فالله تعالى وإن كان يعلم ما في نفس العباد إلا أنه يحب أن يسمع من عبده حاجته كما في الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام: "إن الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ولكنَّه يحبّ أن تبث إليه الحوائج فإذا دعوت فسمِّ حاجتك"26.
وعليه أن يتوجه بطلب الحاجة صغيرة كانت أم كبيرة، لما روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: " ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار"27.
وجاء في الحديث القدسي: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاسألوني الهدى أهدكم، وكلكم فقير إلا من أغنيته، فاسألوني الغنى أرزقكم، وكلكم مذنب إلا من عافيته، فاسألوني المغفرة أغفر لكم"28.
8- العموم في الدعاء
ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا دعا أحدكم فليعمّ، فإنّه أوجب للدعاء"29.وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا قال الرجل: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم وجميع الأموات، رد الله عليه بعدد ما مضى ومن بقي من كل إنسان دعوة"30. وعنه عليه السلام: " دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرّ الرزق ويدفع المكروه"31.
9- أن يقال بعد الدعاء: ما شاء الله
ومن السنن أيضاً أن يقول الإنسان عقب الدعاء "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، لنفس الأثر الذي تحدثنا عنه من قرب الإجابة، ففي الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا دعا الرجل فقال بعد ما دعا: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، قال الله عز وجل: استبسل عبدي، واستسلم لأمري، اقضوا حاجته"32.
* الدعاء، سلسلة الاداب والسنن، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- المجلسي-محمّد باقر-بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج90 – ص 313.
2- الريشهري- محمّد- ميزان الحكمة- دار الحديث، الطبعة الأولى – جزء 1 – صفحة 692.
3- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7 – ص80.
4- المجلسي-محمّد باقر-بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج90 – ص312.
5- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 80
6- غافر: 60
7- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 82
8- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 82
9- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 83
10- الأعراف: 180
11- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 140
12- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق.. – ج7 – ص86.
13- نفس المصدر- صفحة 88.
14- راجع: الكفعمي – تقي الدين إبراهيم بن علي– المصباح – مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت – الطبعة الثالثة- صفحة 367.
15- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 92
16- نفس المصدر- ص 93- 94
17- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 94
18- نفس المصدر
19- نفس المصدر- ص 96
20- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص 79
21- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7 – ص 103
22- نفس المصدر.- ج 7 – ص 102
23- الحر العاملي- محمّد بن الحسن-وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7 – ص 81
24- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..-- ج 7- ص 85
25- نفس المصدر- ص 86
26- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية،آخوندي-الطبعة الثالثة- مؤسسة أهل البيت ج 2 ص 476
27- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص32
28- المجلسي-محمّد باقر-بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج 89- ص252
29- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية،آخوندي-الطبعة الثالثة- مؤسسة أهل البيت- ج 2- ص 487
30- المجلسي-محمّد باقر-بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج 90 – ص391
31- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص106
32- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..-- ج 7- ص 91
((في الدعاء والزيارة))
1- البسملة
ينبغي أن يكون ابتداء الدعاء بالبسملة، وقد وردت في ذلك الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يردّ دعاء أوّله بسم الله الرحمن الرحيم"1.
2- الثناء على الله تعالى
إن شكر الله والثناء عليه يجعل أهداف الدعاء أقرب للتحقق، حيث ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسبباً للمزيد من فضله.." 2.
لذلك فقد أرشدنا أئمة أهل البيت عليه السلام للمدح والثناء في الدعاء، كما في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربّه وليمدحه"3.
وذكرت بعض الروايات أنّ الله تعالى يقضي حاجته حتى وإن تشاغل عن ذكرها بالثناء، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ العبد لتكون له الحاجة إلى الله فيبدأ بالثناء على الله والصلاة على محمّد وآله حتى ينسى حاجته، فيقضيها من غير أن يسأله إيّاها"4.
والثناء مطلقاً يكفي في الدعاء، ولكن ورد ثناء خاص عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنَّ في كتَابِ أميرِ المؤمنين عليه السلام: إن المدحة قبل المسألة، فإذا دعوت الله عز وجل فمجِّده، قلت: كيف أمجِّده؟ قال: تقول: يا من هو أقربُ إليَّ من حبل الوريد، يا فعَّالاً لما يُريد، يا من يحول بين المرءِ وقلبِه، يا من هو بالمنظر الأعلى، يا من ليس كمثله شيء"5.
وعن الإمام الصادق عليه السلام حين سأله أحد أصحابه: "آيتان في كتاب الله عز وجل أطلبهما ولا أجدهما، قال: وما هما ؟ قلت: قول الله عز وجل: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾6 فندعوه ولا نرى إجابة؟ قال: أفترى الله عزّ وجلّ أخلف وعده ؟ ! قلت: لا، قال: فممّ ذلك ؟ قلت: لا أدري، قال: لكنّي أخبرك: من أطاع الله عزّ وجلّ فيما أمره ثمّ دعاه من جهة الدعاء أجابه، قلت: وما جهة الدعاء ؟ قال: تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك، ثمّ تشكره، ثمّ تصلّي على النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ تذكر ذنوبك فتقر بها، ثمّ تستغفر منها، فهذا جهة الدعاء"7.
ووصفت الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام الدعاء الخالي من التمجيد والتحميد بالأبتر، وذكرت أقل ما يجزي من ذلك فعنه عليه السلام قال: "كل دعاء لا يكون قبله تحميد فهو أبتر، إنما هو التحميد ثمّ الثناء، قال: قلت: ما أدري ما يجزي من التمجيد والتحميد قال: تقول: اللهم أنت الأول فليس قبلك شيءٌ وأنت الآخر فليس بعدك شيءٌ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيءٌ، وأنت الباطن فليس دونك شيءٌ وأنت العزيز الحكيم"8.
ومن المناسب أن نتذكر أن الحمد لله تعالى والتمجيد له لا بد أن يسبق ذكر الحاجة، فمكانه الصحيح أول الدعاء، وقد نبّهنا أمير المؤمنين عليه السلام إلى ذلك- فيما روي في حديث الأربعمائة- قال عليه السلام: "السؤال بعد المدح، فامدحوا الله عزَّ وجل ثمّ اسألوا الحوائج، اثنوا على الله عز وجلَّ وامدحوه قبل طلبِ الحوائج..." 9.
3- الدعاء بالأسماء الحسنى
من السنن التي وردت الروايات بشأنها أن يدعو المؤمن ربه بذكر أسمائه الحسنى، فعن الإمام الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لله عز وجل تسعة وتسعون اسماً، من دعا الله بها استجيب له، ومن أحصاها دخل الجنّة، وقال الله عز وجل: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾10 " 11.
وقد ورد في الروايات عن أهل البيت عليه السلام أنّ الله تعالى يستجيب لعبده المؤمن إذا دعاه بأسمائه الحسنى خصوصاً في حال السجود، كما في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا قال العبد وهو ساجد: يا الله يا رباه يا سيداه، ثلاث مرات، أجابه تبارك وتعالى: لبيك عبدي، سل حاجتك"12. وعنه عليه السلام: "كان أبي إذا لجّت به الحاجة يسجد من غير صلاة ولا ركوع ثمّ يقول: يا أرحم الراحمين، سبع مرات، ثمّ يسأل حاجته، ثمّ يقول: ما قالها أحد سبع مرات إلا قال الله تعالى: ها أنا أرحم الراحمين، سل حاجتك"13.
ولعله من المناسب أن يذكر من أسماء الله الحسنى ما يناسب مطلوبه، فإذا كان مطلوبه الرزق يقول: يا رزاق، يا وهاب، يا جواد، يا مغني،يا منعم، يا مفضل، يا معطي، يا كريم، يا واسع، يا مسبب الأسباب، يا منان، يا رزاق من يشاء بغير حساب. وإن كان مطلوبه المغفرة والتوبة، يقول: يا توّاب، يا رحمن، يا رحيم، يا رؤوف، يا عطوف، يا صبور، يا شكور، يا عفوّ، يا غفور، يا فتاح، يا ذا المجد والسماح، يا محسن، يا مجمل، يا منعم. وإن كان مطلوبه الانتقام من العدو يقول: يا عزيز، يا جبار، يا قهار، يا منتقم، يا ذا البطش الشديد، يا فعّال لما يريد، يا قاصم المودة يا طالب، يا غالب، يا مهلك، يا مدرك، يا من لا يعجزه شيء. ولو كان مطلوبه العلم يقول: يا عالم، يا فتاح، يا هادي، يا مرشد، يا معز، يا رافع، وما أشبه ذلك 14.
4- الصلاة على النبي وآله عليه السلام
وقد ورد في العديد من الروايات التأكيد على ذكر الصلاة على محمّد وآل محمّد في الدعاء، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "كل دعاء يدعى الله عز وجلّ به محجوبٌ عن السماء حتى يصلى على محمّد وآل محمّد"15.
وفي روايةٍ أخرى عنه عليه السلام قال: "من دعا ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم رفرف الدعاء على رأسه، فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم رفع الدعاء" 16.
وأشارت بعض الروايات إلى عدم الاكتفاء بالصلاة على الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في أوّل الدعاء، بل يكرر الصلاة في وسطه وآخره،فعن رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تجعلوني كقدح الراكب، فإنَّ الراكب يملأ قدحه فيشربه إذا شاء، اجعلوني في أول الدعاء وفي وسطه وفي آخره"17.
وأما أثرها فيكفي ما أشارت عليه بعض الروايات من فضل الصلاة على محمّد وآله، كالرواية عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:"من قال: يا ربّ، صلّ على محمّد وآل محمّد، مائة مرة، قُضِيَتْ لَهُ مِائةُ حَاجَةٍ، ثلاثون للدنيا"18.
ومن جميل ما روي في هذا المقام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا دعا أحدكم فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنَّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مقبولة، ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضاً"19.
و الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تكون بعد الثناء، كما يمكن أن يستفاد من الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "إيّاكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عز وجل والمدح له، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ يسأل الله حوائجه"20.
5- التوسل بمحمّد وآله صلى الله عليه وآله وسلم
لقد فتح الله تعالى أبواباً لرحمته يمكن أن يصل منها العباد، وعرفهم تلك الأبواب، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين وكذلك الأئمة عليه السلام، فحري بنا أن نستفيد من هذه الرحمة ونضعها بين أيدي دعائنا لعل الله تعالى يقبل هذا الدعاء، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " الأوصياء مني... بهم تنصر أمتي، وبهم يمطرون، وبهم يدفع الله عنهم، وبهم استجاب دعاءهم". وعن الإمام أبو جعفر الباقرعليه السلام: "من دعا الله بنا أفلح، ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك"21.
وعن سماعة بن مهران، قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: "إذا كان لك يا سماعة عند الله حاجة فقل: اللهم إني أسألك بحق محمّد وعلي، فإن لهما عندك شأناً من الشأن، وقدراً من القدر، فبحق ذلك الشأن وبحق ذلك القدر أن تصلًي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا"22.
6- الإقرار بالذنوب
إن الإقرار بالذنوب طريق للتوبة، فمن عرف ذنبه وأقرّ به بادر إلى تركه ورفع آثاره، وهذا الإقرار جُعل جزءاً من الدعاء، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّما هي المدحة، ثمّ الثناء، ثمّ الإقرار بالذنب، ثمّ المسألة، إنّه والله ما خرج عبد من ذنب إلا بالاقرار"23.
وكان من دعاء الإمام أمير المؤمنين عليه السلام المروي عن كميل بن زياد: "وقد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي، معتذراً نادماً، منكسراً مستقيلاً، مستغفراً منيباً، مقراً مذعناً معترفاً، لا أجد مفراً مما كان مني، ولا مفزعاً أتوجه إليه في أمري، غير قبولك عذري وإدخالك إيّاي في سعة من رحمتك، اللهم فاقبل عذري، وارحم شدة ضري، وفكّني من شدّ وثاقي".
تقديم: يا الله، عشراً ومن السنن أيضاً أن يذكر الداعي ذكر "يا الله" عشر مرات قبل الدعاء فإن ذلك أرجى لقبوله، بل أكدّت بعض الروايات على حتمية القبول للدعاء المبتدى بهذا الذكر، فعن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "من قال: يا الله يا الله، عشر مرات، قيل له: لبيك، ما حاجتك؟"24.
وعنه عليه السلام قال: "إذا قال العبد وهو ساجدٌ: يا الله، يا رباه، يا سيداه، ثلاث مرات أجابه تبارك وتعالى: لبيك عبدي، سل حاجتك"25.
7 – طلب الحاجة
فالله تعالى وإن كان يعلم ما في نفس العباد إلا أنه يحب أن يسمع من عبده حاجته كما في الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام: "إن الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ولكنَّه يحبّ أن تبث إليه الحوائج فإذا دعوت فسمِّ حاجتك"26.
وعليه أن يتوجه بطلب الحاجة صغيرة كانت أم كبيرة، لما روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: " ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار"27.
وجاء في الحديث القدسي: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاسألوني الهدى أهدكم، وكلكم فقير إلا من أغنيته، فاسألوني الغنى أرزقكم، وكلكم مذنب إلا من عافيته، فاسألوني المغفرة أغفر لكم"28.
8- العموم في الدعاء
ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا دعا أحدكم فليعمّ، فإنّه أوجب للدعاء"29.وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا قال الرجل: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم وجميع الأموات، رد الله عليه بعدد ما مضى ومن بقي من كل إنسان دعوة"30. وعنه عليه السلام: " دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرّ الرزق ويدفع المكروه"31.
9- أن يقال بعد الدعاء: ما شاء الله
ومن السنن أيضاً أن يقول الإنسان عقب الدعاء "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، لنفس الأثر الذي تحدثنا عنه من قرب الإجابة، ففي الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا دعا الرجل فقال بعد ما دعا: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، قال الله عز وجل: استبسل عبدي، واستسلم لأمري، اقضوا حاجته"32.
* الدعاء، سلسلة الاداب والسنن، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- المجلسي-محمّد باقر-بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج90 – ص 313.
2- الريشهري- محمّد- ميزان الحكمة- دار الحديث، الطبعة الأولى – جزء 1 – صفحة 692.
3- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7 – ص80.
4- المجلسي-محمّد باقر-بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج90 – ص312.
5- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 80
6- غافر: 60
7- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 82
8- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 82
9- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 83
10- الأعراف: 180
11- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 140
12- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق.. – ج7 – ص86.
13- نفس المصدر- صفحة 88.
14- راجع: الكفعمي – تقي الدين إبراهيم بن علي– المصباح – مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت – الطبعة الثالثة- صفحة 367.
15- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 92
16- نفس المصدر- ص 93- 94
17- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7- ص 94
18- نفس المصدر
19- نفس المصدر- ص 96
20- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص 79
21- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7 – ص 103
22- نفس المصدر.- ج 7 – ص 102
23- الحر العاملي- محمّد بن الحسن-وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7 – ص 81
24- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..-- ج 7- ص 85
25- نفس المصدر- ص 86
26- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية،آخوندي-الطبعة الثالثة- مؤسسة أهل البيت ج 2 ص 476
27- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص32
28- المجلسي-محمّد باقر-بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج 89- ص252
29- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية،آخوندي-الطبعة الثالثة- مؤسسة أهل البيت- ج 2- ص 487
30- المجلسي-محمّد باقر-بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج 90 – ص391
31- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص106
32- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..-- ج 7- ص 91
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق