الجمعة، 30 أكتوبر 2015

كلمة للسيد ابن طاووس

كلمة للسيد ابن طاووس



كلمة للسيد ابن طاووس
 يقول سيدنا و مولانا رضي الدين ركن الإسلام و المسلمين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس العلوي الفاطمي بلغه الله تعالى في الدارين ما يتمناه و كبت أعداءه هذا آخر ما وقع في الخاطر أن أثبته من الأدعية في الحال الحاضر في كتاب مهج الدعوات و منهج العنايات و لو أردنا إثبات أضعافه و كلما عرفناه كنا خرجنا عما قصدناه فإن خزانة كتبنا في هذه الأوقات أكثر من سبعين مجلدا في الدعوات و إنما ذكرناه ما يليق بهذا الكتاب و نرجو به فتح الباب بين العبد و بين رب الأرباب و ليكون كالذخيرة التي نرجع إليها نحن و ذريتنا و خاصتنا عند المهمات و من عساه أن يطلعه الله عز و جل عليه في الحيات و بعد المهمات يقول اللهم إننا قد دعونا فيه عبادك إلى الوفادة إليك و الحضور بين يديك و طلب حاجاتهم من جودك فاذكرني جل جلالك بما أنت أهله عند دعاء من يدعو بشي‏ء منه من عبيدك و وفودك و أوصل إلي ثمرة هذه الشجرة و أنا ساكن حيث أسكنتني من ديار مراحمك و مكارمك النضرة و وفق من ينظر في هذه الأسرار أن يخافك خوف الأبرار و أن يؤدي الأمانة فيما يقف عليه و أن يكون قصده العمل بما تهديه إليه و هذا الكتاب لم يكن له عندي مسودة على عوائد أمثاله بل كنت أعين الدعوات و ينقلها ناسخها بحسب حاله فإن كان في شي‏ء منها خلل كثير أو قليل فلعله لأجل السرعة و التعجيل و الحمد لله جل جلاله الهادي لعباده إلى مراده المبدئ لهم بإرقاده و إسعاده و صلاته على خير عباده محمد رسوله و آله الطاهرين من عترته و ثمرة فؤاده و حسبنا الله و نعم الوكيل و نعم الكفيل و المديل يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس اعلم أن من شروط إجابة الدعوات أسبابا قد ذكرنا طرفا منها في الجزء الأول من كتاب المهمات و نبهنا على ذلك بالمعقول و المنقول فلا تهون بالطلب لها و العناية بها كيلا تتأخر إجابة دعائك فيخيل به الشيطان لك إن الله قد أخلفك في وعودك و رجائك و نذكر هاهنا أن يكون قلب الداعي عند الدعوات موصوفا بالإقبال على الله جل جلاله في طلب الحاجات كما أنك تقدر أن تقبل على شهوة من الشهوات التي أكثرها ضرر في الحياة و بعد الممات و أن يكون امتداد يدك إلى الله جل جلاله أرجح من امتداد يدك إلى طعام أو شراب فإنك إذا مددتها إلى رب الأرباب و إلى ما عرض عليك من دوام نعيم دار الثواب فإنه أهم من كل ما تمدها إليه فاحضر عقلك و قلبك لمدها بقدر تعظيم من تعرض عليه و متى نقصت الله جل جلاله عن هذا الحال في التعظيم و الإجلال فبالله عليك كيف ترجو و أنت مستخف في الفعال و المقال أن تظفر بإجابته الابتهال فهل رأيت عاصيا يتقرب إلى سلطانه بعصيانه أو طالبا يتقرب إلى من يطلب منه بهوانه
أقول و ها نحن نختم ما اخترناه في كتابنا هذا من الدعوات المدخورة و الأسرار المستورة بدعاء أورده الله عز و جل على خاطرنا و هو جل جلاله لمنشئ سرائرنا و المالك لبصائرنا
و هو اللهم إنك ابتدأت بالإحسان قبل منطق اللسان و فتحت أبواب الآمال و تفضلت بالنوال قبل السؤال و دللت على عفوك ذوي الألباب و أذنت لهم في محكم الكتاب بالخطاب ثم أمرتهم بالدعاء و وعدتهم بنجح الطلاب و هددتهم أن لم يسألوك وثقتهم عن الجواب و ها أنا ذا امتثل مقدس مراسمك في التعرض لما وعدت من مراحمك واثقا بشهادة العقول أن الكريم الجواد إذا أذن في السؤال و وعد بالقبول فإنه ينزه كماله عن التوقف في المسئول به و هو قادر على بلوغ المأمول اللهم إني أتوجه إليك بكل ما أملك به آمل و سألك به سائل بلغته آماله و أوجبت سؤاله و بكل ما يؤملك به آمل و يسألك به سائل تبلغه آماله و تجيب سؤاله و بالمراحم و المكارم التي اقتضت الابتداء بالنوال قبل السؤال و بعد السؤال و عند السؤال و بالمراحم و المكارم التي أنكرت بها الآيسين فقلت على لسان سيد المرسلين فيما تضمنه القرآن المصون وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ و بالمراحم و المكارم التي أنكرت بها على القانطين فقلت جل جلالك وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ و بالمراحم و المكارم التي أخرت بها عقوبة الكافرين و المشركين و المتمردين و المتشردين و المنافقين و الفاسقين و الآبقين و أمهلتهم إلى يوم الدين و بالمراحم و المكارم التي ابتدأت بها سحرة فرعون و ما عرفوك و لا طلبوك و لا تعرضوا لرحمتك و لا تعرضوا لإجابتك و بالمراحم و المكارم التي ابتدأت بها أمم الأنبياء و أمة محمد صلى الله عليه و آله و قد كانوا على عظيم من الكفر و الطغيان و العصيان و استحقاق العذاب و الهوان فابتدأتهم في حال غضبك عليهم بما لم يكن في حسابهم من إحسانك إليهم و بعثت لهم رسلا يهدونهم إليك و يدلونهم عليك و يحملون سفههم و جناياهم حتى استنقذوا منهم خلقا كثيرا من ضلالاتهم و شرفوهم بهداياتهم و أظفروهم بسعاداتهم و بالمراحم و المكارم التي أجبت بها قوم إدريس و قوم يونس و من كان على نحو سوء أعمالهم و قد غضبت عليهم أنبياؤهم و توعدوهم بما يستحقونه من نكالهم و أشرفوا على الهلاك و عجزوا عن الاستدراك فرحمت شكواهم و كشفت بلواهم و بالمراحم و المكارم التي جمعت بها شمل يوسف و يعقوب و بالمراحم و المكارم التي كشفت بها كربات أيوب و بالمراحم و المكارم التي خلصت بها يونس بن متى من بطن حوته و يمه و بالمراحم و المكارم التي جمعت بها شمل موسى بأمه و بالمراحم و المكارم التي نصرت بها عيسى على قومه و بالمراحم و المكارم التي نصرت بها محمدا و عليا على أحزاب الكفار و وقيتهما من الأخطار و جعلتهما علما لك إلى دار القرار و بالمراحم و المكارم التي ذكرتني بها في الأول و لم أك شيئا مذكورا و أخرجتني إلى الوجود من باب الجود و قد علمت أني أعصيك فيما لا يزال صغيرا و كبيرا ظاهرا و مستورا و بالمراحم و المكارم التي نقلتني بها من ظهور الآباء إلى بطون الأمهات من لدن آدم إلى هذه الغايات و وقيتني و سلفي مما جرى على الأمم الهالكة من الهلكات و النكبات و العقوبات و بالمراحم و المكارم التي دللتني بها عليك و بالمراحم و المكارم التي شرفتني بها بالمعرفة بك و الخدمة لك و العبودية لديك و بالمراحم و المكارم التي أطلقت بها لساني بالثناء عليك و بالمراحم و المكارم التي حلمت بها عني عند جرأتي عليك و سوء أدبي بين يديك و بالمراحم و المكارم التي علقت آمالي فيها بالرغبة إليك و بالمراحم و المكارم التي أعنتني بها بالوفادة عليك و بالمراحم و المكارم التي أذكرتني بها جرأتي عليك و بالمراحم و المكارم التي رفعت بها يدي إليك و بالمراحم و المكارم التي عرفتني بها شرف الإلحاح عليك و بالمراحم و المكارم التي وصلت إلى إبليس و فرعون و من علمت أنه مصر على ما يسخطك عليه إلى أن يحضر في القيامة بين يديك و بالمراحم و المكارم التي أدركت بها إبليس في الساعة التي بسط بها كف سؤاله و قصدك بآماله في حال غضبك عليه و بعده منك و إعراضك عنه و إعراضه عنك و قال اجعلني من المنظرين فوسعته رحمتك يا أرحم الراحمين و قلت فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ و فرجت ما كان يحاذر الاستيصال من الهموم و بالمراحم و المكارم التي أنت أصلها و بالمراحم و المكارم التي أنت أهلها و بالمراحم و المكارم التي لا يعلم غيرك محلها و لا تدرك العقول فضلها و بما أنت أهله و بك و بمن يعز عليك و بجميع الوسائل إليك يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب يا غوث المستغيثين و يا مجيب دعوة المضطرين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين أن تصلي على محمد و آل محمد ص و أن تعجل قضاء كل حاجة لمن يريد تقديم حاجاته قبل حاجاتنا و ذكر مهماته قبل مهماتنا و أن تجعل حوائجنا تابعة لإرادته و إرادتك و من جملة حوائجه المختصة بإجابتك و أن تعجل قضاء جميع ما ذكرته و أذكره من الحاجات التي أحاط علمك إننا محتاجون إليها مع دوام بقائك قبل الممات بجملتها و تفصيلها و أن تجعل هذه التوسلات من أسباب تكميلها و تسهيلها و تعجيلها و أن تملأ قلوبنا من معرفتك و هيبتك و عظمتك و حرمتك و رحمتك و تستعمل عقولنا و جوارحنا في طاعتك و مراغبتك ]و مراقبتك[ و تجعل كل ما نتقلب فيه شاغلا لنا بك و مقربا منك و لا تجعل شيئا منه شاغلا لنا عنك و أن تلهمنا كلما تريد منا و ترضى به عنا و أن تكاشفنا بجلالك و تشرفنا بإقبالك و تصل حبائلنا بحبائلك و أن تدبرنا في الكثير و القليل بتدبيرك الحسن الجميل و أن تحفظنا و من يعنينا أمره بما حفظت كل من حفظته و تسعدنا بكل ما أسعدته و أن تمدنا من الأعمار بأطولها و من الأعمال بأفضلها و أن تنصرنا على كل من يؤذينا أو يمكن أن يؤذينا نصرا أنت أهله و أن تذلهم لنا ذلا هم أهله و أن تديلنا منهم إدالة أنت أهلها و أن تزيحهم بانتصارنا عليهم من الآثام التي فضحهم عندك حملها ]جهلها[ و ذلها و تريحنا أن يشغلونا عن الاشتغال بمراقبتك التي جهلوا أمرها و صغروا قدرها و أن تلمح أهل الإساءة إلى من يريد ذكره قبل ذكرنا و تعظيم قدره على قدرنا و أهل الإساءة إلينا و البغاة عليه و علينا و ذوي التحيل في ضرره و ضررنا و التوصل في كدره و كدرنا لمحة في هذه الساعة ترفع بها حلمك عنهم و تعجل النقمة منهم و تستأصل شافتهم و تقطع مدتهم و تسرع نكبتهم و مصيبتهم و أذن في هذه اللحظة في قطع أعمارهم و خراب ديارهم و تغفية آثارهم و تعجيل بوارهم و دمارهم و أخذهم بالمثلات و النكبات و الآفات و العاهات و المصيبات الهائلات الذاهلات القاتلات المستأصلات المحيطات بهم من سائر الجهات حتى تجعل تعجيل دمارهم و قطع أعمارهم و خيبة آمالهم و هدم آجالهم عظة للمتعظين و عبرة للمعتبرين و آية باقية على الشهور و السنين و عجل سلبهم اللهم كل نعمة يستعينون بها على معصيتك و كل قوة يضعون بها من حرمتك و كلهم إلى حولهم و قوتهم و أبرئهم من حولك و قوتك و خذهم بياتا و هم نائمون أو ضحى و هم يلعبون و عاجلهم ببأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين و بالقوة ]بالقدرة[ التي تقول بها للشي‏ء كن فيكون اللهم من كان له منهم بقية من أمل أو فسحة في أجل لا بد أن تبلغهم إليها و تقف بهم عليها فامح اللهم معرفتك من عقولهم بظلم الشكوك و الجهالات و أمت قلوبهم بالغفلات و أشغل جوارحهم بالشهوات عن العبادات و الطاعات و مث قلوبهم أعجل سائمات الملح في الماء و اضربهم بتكرار إحظار البلاء و الابتلاء حتى يقدموا عليك و قد خسروا سعادة الدنيا و الآخرة و أتلفوا ما ظفر به السعداء من النعم الباطنة و الظاهرة و سدت أعمالهم بين أيديهم أبواب رحمتك و أظلمت عليهم طرق حلمك و عاطفتك و شهرتهم في القيامة فضائح معصيتك و وسمت جباههم بغضبك و نقمتك اللهم إنك قد نسبتنا إليك و وسمتنا بك و علقتنا عليك و وجدنا عقولنا الدالة لنا بك عليك و قلوبنا الهادية لنا بك إليك شاهدة أن من كمال صفات الملوك أن يغادوا على من وسموه بأبوابهم و نسبوه إلى جنابهم و علقوه عليهم و إن لم يكن مرضيا لديهم و أنت يا رب أحق بأكمل صفات الموصوفين و أحق بالغيرة من المملوك المستضعفين و أنت علمتهم الغيرة الموافقة لمرادك يا أقدر القادرين و قد عرفت يا رب إن الذين يعادوننا ظلما أعداء لك و لعزتك و مهونون بك و بخاصتك فإما تغضب و تنتقم لعزتك و جلالك و لخاصتك و أهل حمايتك أو لمن علقته على أبواب رحمتك و هيبتك و تفتح عليهم في هذه الساعة ما فتحوه على أنفسهم بالإضاعة للطاعة من استحقاق المصائب الهائلة و النوائب الذاهلة ما يشغلهم عن أذية من هو أهم منا عند سلطانك و عن أذيتنا و تقودهم طوعا و كرها إلى مصلحته و مصلحتنا واجمين نادمين مغلولين مخذولين مكسورين مقهورين و عرفنا قدر النعمة علينا بتعجيل إجابتك و تكميل رحمتك و أوزعنا شكر ذلك بحولك و قوتك يا خير الناصرين و يا صاحب الوعود بإجابة الداعين و من مدح نفسه المقدسة بصرف السوء عن المظلومين و احفظ فينا وصيتك و وصية سيد المرسلين و عترته الطاهرين و احفظنا بما حفظت به كنز أصحاب الجدار لأجل من حفظته به من سلفهم الصالحين فقد عرضنا حاجتنا على أبوابك بيد بوابك و نحن الضعفاء المترقبون لما أنت أهله من جوابك و أنت أرحم الراحمين و أكرم الأكرمين و الحمد لله كما أنت أهله يا رب العالمين


يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس مصنف هذا الكتاب مهج الدعوات و منهج العنايات إني متوسل إلى من لا يتعاظمه ذنوب أن يغفرها و لا عيوب أن يسترها و لا عثرات أن يقيلها و لا كربات أن يكشفها و يزيلها بجميع ما ذكرته من الوسائل المنجحة للمسائل في أن يقبل مني ما سألته و يجعل من لسان حالي من يناجيه بما طلبته مع دوام جوده و بقاء وجوده و نحمده بما يستحقه من تحميده و تصلي على سيد عبيده محمد و عترته الدالين على حدوده 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق